زكرة بريك — أصل المقولة ومعناها

زكرة بريك — أصل المقولة ومعناها

🎺

زَكْرَة بْرِيك

رحلة في أعماق التراث الشعبي التونسي

زَكْرَة بْرِيك… من صوت الحرب إلى مثل شعبي تونسي

مقال توثيقي ⏱️ وقت القراءة: 4 دقائق

أصل المقولة ومعناها

من بين العبارات العميقة التي ترسّخت في الذاكرة الشعبية التونسية، تبرز مقولة زَكْرَة بْرِيك كأحد التعابير التي تجمع بين التاريخ والرمزية الشعبية. اليوم تُقال هذه العبارة عندما يحدث شجار أو توتر مفاجئ أو حالة فوضى غير متوقعة، فيُقال: «ناضت زكرة بريك»، أي اندلع الموقف فجأة دون سابق إنذار. لكن وراء هذا المثل قصة تاريخية تعود إلى عهد البايات في تونس "بحسب السرد الشعبي".

زكرة بريك لمحة تاريخية

القصة وراء التسمية

في تلك الحقبة، كانت السلطة تبعث فرقًا عسكرية لجمع الجباية أو لقمع القبائل المتمردة. وكان يتقدّم هذه الفرق عازف موسيقي يحمل آلة نفخية نحاسية تُسمّى الزَّكرة أو أحيانًا الكريرو، وهي آلة تُصدر صوتًا قويًا شبيهًا بالبوق العسكري.

الشخصية التاريخية: أشهر من تولّى هذه المهمة كان مبروك الزواوي، الذي لُقّب بـ «بريك». وكان نفخه في الزكرة بمثابة إشارة البدء للهجوم: ما إن يُسمع الصوت حتى تُهاجم القوات الأهالي ويعمّ الذعر.

طاحت فينا زَكرة بريك — عبارة صارت تلخّص المصيبة المفاجئة

من التاريخ إلى الحياة اليومية

مع مرور الزمن، تحوّل هذا التعبير من دلالته العسكرية إلى تعبير مجازي شعبي يُستخدم في مواقف الحياة اليومية. فعندما تندلع مشادة في السوق، أو خصام في الحيّ، أو فوضى في القسم، يُقال: «ناضت زكرة بريك!» أي اندلع الموقف بشكل غير متوقّع وسريع.

خلاصة

زَكْرَة بْرِيك ليست مجرد عبارة دارجة، بل شاهد لغوي على تاريخ تونس الشعبي، وعلى قدرة الذاكرة الجماعية على تحويل الألم إلى مثل يتداوله الناس في أحاديثهم اليومية. إنها مثال على كيف تحفظ اللغة شعور مجتمع كامل وترسّخه في أمثال قصيرة تعبر عن تجارب مؤلمة ومفاجئة.

علي الزاهد
مكتبتي العلمية
مكتبتي العلمية