أولاً: معنى الاستدعاء ودلالاته التربوية
عندما تستدعي المدرسة وليّ الأمر، فذلك يعكس اهتمامها المباشر بالتلميذ ومتابعتها الدقيقة لمسيرته التعليمية والسلوكية. هذا الإجراء لا يحمل بالضرورة طابعًا سلبيًا، بل قد يكون بهدف الإشادة بجهود التلميذ وتقدير سلوكه الإيجابي، أو لتدارس وضعية تستوجب دعمًا مشتركًا بين المدرسة والأسرة.
ثانيًا: دور الوليّ في نجاح العملية التربوية
وليّ الأمر هو الركيزة الأساسية في متابعة تعلم ابنه أو ابنته. فحضوره إلى المدرسة استجابةً لدعوة المربّي يدلّ على إحساسه بالمسؤولية ووعيه بأهمية التواصل التربوي. عندما يُبدي الوليّ اهتمامًا بما يجري داخل الفصول ويستمع باهتمام إلى المعلمين، يرسل لطفله رسالة دعم وتشجيع تُحفّزه على الجدّ والانضباط.
كما أنّ تبادل المعلومات بين الطرفين — المعلّم والوليّ — يسمح بفهم أعمق لشخصية التلميذ، فالمعلّم يطّلع على ظروفه العائلية، والوليّ يفهم متطلبات المدرسة وتوقعاتها.
ثالثًا: أسباب استدعاء وليّ الأمر
قد تُستدعى الأسرة لأسباب متعددة، منها:
- تراجع مستوى التلميذ الدراسي أو ضعف تركيزه داخل القسم.
- سلوكيات سلبية كالعنف اللفظي أو الجسدي أو الغياب المتكرر.
- صعوبات في التكيّف مع الزملاء أو في احترام القواعد.
- رغبة المربّي في تقديم ملاحظات إيجابية أو تحفيز التلميذ على مزيد من الاجتهاد.
وفي جميع الحالات، ينبغي أن يتم اللقاء في جوّ من الاحترام والتفهّم، بعيدًا عن لغة اللوم أو التوبيخ، بل بأسلوب تشاركي يبحث عن الحلول الواقعية.
رابعًا: كيف يمكن للمدرسة إنجاح اللقاء مع الوليّ؟
لتحقيق نتائج إيجابية من هذا اللقاء، على الإطار التربوي أن:
- يُهيّئ اللقاء مسبقًا، ويحدّد الهدف منه بوضوح.
- يُبرز النقاط الإيجابية للتلميذ قبل التطرّق إلى الصعوبات.
- يُشرك الوليّ في وضع خطة متابعة بسيطة وواقعية.
- يُظهر الاحترام والودّ في الحوار، مما يعزّز الثقة والتعاون.
كما يمكن للمؤسسة التربوية اعتماد مقاربة تشاركية تُتيح للوليّ متابعة ابنه من خلال لقاءات دورية أو مجالس أولياء الأمور، بدل الاكتفاء بالتدخل عند حدوث المشاكل.
خامسًا: توصيات للأولياء
على الأولياء أن يتعاملوا مع الاستدعاء بروح منفتحة، فليس في الأمر تهديد أو إدانة، بل فرصة للإصلاح والتقويم. وعليهم أن:
- يصغوا باهتمام للمعلّمين دون مقاطعة.
- يُظهروا تفهمًا وتعاطفًا، ويطرحوا تساؤلات بنّاءة.
- يتجنبوا الدفاع المبالغ فيه عن الطفل أو تبرير أخطائه.
- يلتزموا بخطة العمل المقترحة من المدرسة ويتابعوا نتائجها.
بهذه الطريقة، يصبح اللقاء جسرًا للتفاهم لا ساحة للجدل، ووسيلة لتقويم السلوك والدعم النفسي للتلميذ بدل أن يكون مجرّد إجراء شكلي.
سادسًا: نحو ثقافة تربوية تشاركية
إنّ تطوير العلاقة بين الأسرة والمدرسة يُسهم في بناء منظومة تربوية متكاملة تقوم على الثقة، الحوار، والاحترام المتبادل. فحين يشعر التلميذ بأنّ وليّه ومعلمه يتعاونان من أجله، تتضاعف دافعيته نحو التعلم، ويشعر بالأمان والانتماء إلى محيط تربوي سليم.
✨ الخلاصة
في النهاية، يبقى استدعاء وليّ الأمر علامة اهتمام لا إدانة، وخطوة نحو تربية مسؤولة تشترك فيها المدرسة والأسرة. فنجاح العملية التعليمية لا يتحقق إلا بتكامل الأدوار، وتواصل دائم يزرع الثقة في نفوس أبنائنا، ويصنع جيلاً متوازناً قادرًا على بناء المستقبل بعلمٍ وأخلاقٍ ومسؤولية.
علي الزاهد
.png)
.webp)